”ميـادة” .. كى لا ننسى
بقلم محمد ماهرميدانيميادة .. و عام يلحقه عام كي لا ننسى.. الراحلون دوما أكثر سلمية ممن بقوا .. أكثر طهرا من أن تبقى أقدامهم عالقة بالتراب .. ثمة أناس تستحق اقدامهم ثرى الجنة . ميادة .. شهيدة مهنة البحث عن المتاعب .. المهنة التي أدركت أخيرا أنها البحث عن المتاعب حتى الموت صاحبة الجلالة كما يتوجها صحفيوها .
مر عام على استشهادها جراء طلقة طائشة .. و اختلف الكثيرون عن هوية تلك الطلقة .. و لكن ما يهمنى بالتحديد إنها ماتت أي كان من قتلها وأنها منذ عصر الجمعة 28 مارس 2014 لم يكتب اسمها على خبر واحد كمحررة رغم أنها في ذلك اليوم كما ارتقت روحها إلى عليين .. ارتقى إسمها من مجرد محررة الى بطلة كل الأخبار .. و صاحبة كل العناويين و تصدرت ابتسامتها جميع الصحف و نالت من الدعوات ما هى كفيلة بأن تشفع لها أمام رب العالمين .. لكنها لم تعد موجودة منذ ذلك اليوم .
ميادة . . شهيدة الطموح .. كما ذكر أصدقائها إنها انتقلت من قريتها بالمنوفية قبل إتشهادها بخمسة أعوام لتدرس في إحدى كليات القمة كلية الاعلام و كانت من المتفوقات و ثمنت دراستها بالعمل الجاد المليء بالحيوية ،و المثابرة في المهنة ، التي أحبتها و في المجال الذي انهى حياتها الى الأبد ، و أظن أنها كانت لا تحلم بكل تلك الشهرة كونها صحغية قسم ميداني في احد الجرائد المستقلة جريدة الدستور .. و لكن يشاء الله أن يعلم بخبر وفاتها و تضحياتها كل قاص ودان .
فربما يقول البعض رب ضرة نافعة .. و لكن أى نفع يعود على الانسان بعد رحيلة ، أعتقد أن الذكرى الطيبة دوما تكون اطول عمرا من اصحابها .. و أن الله لا يظلم أحدا و أنه اختارها من بين كل المجتمعون في تلك المظاهرة ليصطفيها و يطهرها على كثير من العالمين .
الشهداء تغفر ذنوبهم مع أول قطرة دم .. و أى شهادة أكبر قدرًا من شهادة تنالها و أنت تبحث عن الحقيقة .. و أنت تتحدث بلسان كل مصاب بالخرس و بصوت كل ضعيف و تتحدث نيابة عن كل جسد مرتعش جراء الفقر ة البرد و التشرد و الإهمال .
ميادة .. الفاجعة التي دفعتنى لأن أترك المهنة كلها و ربما تركت الوطن عن آخرة لهذا السبب .. لم يمر خبر و فاتها مرور الكرام بل أثر في كل واحد و كل واحدة من بيننا و حولتنا من مثابرين على العمل مجتهدون في كل خطوة نخطوها إلى منهزمين .
ميادة تلك البسمة التي أسدلت بانطفائها كل ستائر الليل .. ما زلنا نذكرك بكل خير .. و ما زال دعائنا لك فيه نصيب و ما زلنا عاجزون عن رد حقك .. و إلى الله المشتكى و المصير .