«مقر الحكم في مصر».. مفاجأة معرض القاهرة للكتاب
سها عيسيميدانياصدرت الهيءة المصرية العامة للكتاب كتاب (مقر الحكم في مصر.. السياسة والعمارة) من تأليف دكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات في مكتبة الإسكندرية. الكتاب يربط بين تطور عمارة مقر الحكم وطبيعة السلطة الحاكمة من حيث بنيتها المعرفية والاجتماعية والسياسية، وهو منهج جديد في دراسةً التراث والتاريخ، فيلاحظ المؤلف أن حجم مسجد عمرو بن العاص كان طاغيا على حجم دار الإمارة في مدينة الفسطاط، بينما في مدينة القطائع عاصمة الدولة الطولونية في مصر كان حجم المسجد مساويا لحجم القصر، هذا ما يفسره برسوخ الإسلام في مصر، وأن الصراع على السلطة بات سياسيا، بينما يري المؤلف أن القاهرة بنيت كمقر للحكم الفاطمي في مصر، ومثلت عزلة السلطة عن المجتمع، وهي تنفيذ لوصية علماء السياسة العرب الذين لاحظوا ضرورة أن يكون للسلطان وحاشيته مقرا للحكم متكامل الأركان، ووضعوا مواصفات لعمارة مقر الحكم، فجاءت القاهرة كمقر لحكم مصر متكامل المواصفات من حيث بنية السلطة أو العمارة، حيث القصرين الشرقي والغربي مقر إقامة الخليفة الفاطمي والدواوين ومخازن السلاح والأغذية والمسجد الجامع، وهو الجامع الأزهر وغيرها من المنشآت، كما أن سجلات الدولة الفاطمية تكشف عن نضوجً كبير في اليات الحكم بالدولة. وفي العصر الأيوبي أسس صلاح الدين الأيوبي قلعته في القاهرة لتكون مقرا لحكم مصر يعبر عن عظمة الدولة المصرية في العصرين الأيوبي ثم المملوكي لتبلغ القلعة في العصر المملوكي ذروة عظمتها بتأسيس السلطان الناصر محمد بن قلاوون، إيوان العرش، أكبر قاعة للعرش السلطاني في العالم في عصرها، وهي تعبر بحجمها وعظمتها عنا بلغته مصر في هذا العصر من قوة ومهابة وعظمة حتى أذهلت حفلات استقبال السفراء الأجانب في ميدان القلعة هؤلاء السفراء وسجلوا ذلكً في ملاحظاتهم. خالد عزب كشف عن نهب السلطان العثماني كنوز قلعة صلاح الدين حينما دخل مصر، وأكد أن محمد علي لم يكن أول والي عثماني يأتي برغبة المصريين، بل سبق أن عزل المصريون ولاة واجبروا الدولة العثمانية على تعيين آخرين يرضون عنهم. ويؤكد خالد عزب في كتابه أن الحكام لم يتركوا القلعة إلا لتطور سلاح المدفعية الذي بات يهدد أمن القلعة عند نصب المدافع على جبل المقطم، لذا بدا محمد علي في الانتقال إلى شبرا منعزلا عن المجتمع وبني خلفاؤه قصورا أخرى إلى عصر الخديو إسماعيل، حيث شيد قصر الإسماعيلية وقصر عابدين ومقر وزارة الأشغال الذي يعد أقدم بناية وزارة باقية في مصر، وبناية مجلس شوري النواب، وهي واحدة من أقدم البنايات البرلمانية في العالم، وارتبط هذا بنزول الحاكم من القلعة إلى المدينة بتغير في طبيعة ممارسة السلطة، إذ أصبح لدى المصريين وزارة ووزراء لديهم صلاحيات، ومجلس نيابي. ويتابع خالد عزب دراسته للقصور الملكية ليصل إلى قصر الاتحادية مقر الحكم في مصر الآن، والذي يعده مثاليًا من حيث العمارة حتى صار علامة على رأس السلطة وقوتها، وهو بعمارته الإسلامية المقتبسة من العمارة المملوكية يشير إلى عصر كانت فيه مصر لها هيبتها ومكانتها هنا.