لماذا تراجع الطلب على الحديد بمصر رغم مشروعات الإسكان والبنية التحتية؟
ميدانيانكمش سوق الحديد في مصر في العامين الماضيين بشكل ملحوظ، رغم المشروعات القومية التي تنفذها الحكومة في مجال الإسكان وبناء المدن الجديدة والبنية التحتية.
وقال حسن المراكبي، رئيس شركة المراكبي للصلب، في ورشة عمل عن صناعة الحديد والصلب، قبل أيام، إن البعض يعتقد أن مبيعات الحديد في مصر تزيد بشكل كبير في ظل المشروعات القومية التي تنفذها الدولة.
لكنه أضاف أن "الأرقام لا تقول ذلك.. بل العكس هو الصحيح".
وأوضح أن مبيعات الحديد تتراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى حوالي 8.6 مليون طن في عام 2016، نزولا إلى 7.6 مليون طن في 2017، ثم 7.4 مليون طن في 2018.
وتوقع ألا تزيد مبيعات الحديد في العام الجاري على 7.1 مليون طن، وانخفاضها في العامين المقبلين، إلى حدود 7 ملايين طن فقط سنويا.
وهو ما أكده أيضا رفيق الضو، العضو المنتدب لشركة السويس للصلب، خلال جولة بمصانع الشركة نظمتها، الجمعية المصرية لصناعة الحديد والصلب، قبل أيام.
وقال الضو إن السبب الرئيسي في انخفاض الطلب على الحديد في مصر، هو تراجع طلب الأفراد، الذين كانوا يمثلون نحو 60% من الطلب في السوق.
"صحيح إن الحكومة بتعمل مشروعات كبيرة في الإسكان والمدن الجديدة والكباري.. لكن نسبة الحكومة من الطلب على الحديد لا تزيد في أفضل الأحوال على 40%.. والأفراد يستحوذون على 60%.. أي أن الطلب الحقيقي المؤثر على مبيعات الشركات هم الأفراد"، بحسب ما قاله الضو.
وتنفذ الحكومة مجموعة من المشروعات الكبرى من بينها بناء العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، ومشروعات في الإسكان الاجتماعي والمتوسط، وطرق وكباري في كثير من المحافظات.
وقال الضو إن طلب الأفراد على شراء الحديد تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مع تشديد الحكومة على منع البناء العشوائي أو البناء على الأراضي الزراعية.
"في عز أيام ثورة يناير كنا بنبيع في السنة 9 مليون طن.. لكن مع وقف البناء العشوائي أو المخالف تراجع السوق بشدة"، بحسب ما قاله الضو.
واتفق المراكبي، مع ما قاله الضو، مضيفا أن هناك أسبابًا أخرى لتراجع الطلب، على رأسها تعويم الجنيه، الذي رفع سعر الحديد، من مستوى 4 آلاف جنيه في الطن، ليزيد فوق 10 آلاف جنيه.
"القوة الشرائية للجنيه تراجعت.. والأسعار زادت نتيجة التعويم.. وبالتالي تكلفة البناء أصبحت مرتفعة ولذلك انخفض الطلب على الحديد"، بحسب ما قاله المراكبي.
وأضاف المراكبي أن ارتفاع أسعار الفائدة ساهمت أيضا في تراجع السوق، مع اتجاه البعض لادخار أموالهم في البنوك للحصول على عائد كبير دون أي مخاطرة، بدلا من الاستثمار في العقارات، وهو ما أدى بدوره إلى تراجع الطلب في السوق العقاري، وبالتالي تراجع الطلب على حديد التسليح.
وساهم انخفاض الطلب في السوق، في اشتعال المنافسة بين الشركات المنتجة في مصر، واضطرت بعضها للبيع بأسعار أقل من تكلفتها من أجل الحفاظ على حصتها السوقية.
وخفضت الشركات أسعارها مرتين منذ بداية الشهر الجاري، مع انخفاض أسعار الخامات العالمية وبعد خفض أسعار الغاز لمصانع الحديد، لتتراوح بين 10200 و10900 جنيه للطن، بعد أن كادت تقترب من 12 ألف جنيه قبل شهرين تقريبا.
وتعاني بعض شركات الحديد الكبيرة خاصة المتكاملة التي تنتج الحديد بجميع مراحله، من خسائر حادة، وعلى رأسهم مجموعة حديد عز.
وساهم اضطراب سوق الحديد العالمي بسبب الرسوم التي فرضتها أمريكا بنسبة 25% على واردات الصلب، في تعميق الأزمة في مصر، مع زيادة المعروض العالمي، الذي أدى لتراجع الأسعار، ووضع الشركات المحلية في منافسة حادة، يعتبرها المنتجون المحليون "منافسة غير عادلة".
وفرضت وزارة التجارة والصناعة مؤخرا رسوم وقائية لمدة 3 سنوات، بنسبة 25% على واردات حديد التسليح، ورسوم متدرجة على البليت تبدأ بـ 16% في السنة الأولى، من أجل حماية الصناعة المحلية.