مفتي الجمهورية: المواثيق أقرت حقوقا في المياه بما لا يضر مصالح الشعوب
ميدانيقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن الماء من القضايا التي تشغل بال العالم كله الآن، وهي ذات أبعاد جغرافية وتاريخية وسياسية واقتصادية متشعبة ومعقدة، فالموارد المائية على اختلاف أنواعها تلعب دورًا أساسيًّا في الحياة الاقتصادية والسياسية للدول والشعوب، ويثير الاختلاف حولها كثيرًا من الأزمات والمشاكل السياسية.
وأشار المفتي -خلال كلمته اليوم الأحد في الندوة الدولية حول "تطور العلوم الفقهية" المنعقدة بسلطنة عُمان والمستمرة إلى بعد غد، وتحمل عنوان "فقه الماء في الشريعة الإسلامية أحكامه الشرعية آفاقه الحضارية وقضاياه المعاصرة"، والتي تنظمها وزارة الأوقاف والشئون الدينية بعُمان- إلى أنه من أجل ذلك اهتمت القوانين الدولية الحديثة بعقد الاتفاقيات وإبرام المواثيق الدولية التي تحافظ على الحقوق المشتركة بين دول المنبع ودول المصب، بما لا يضر بمصالح الشعوب، وبما يحقق أفضل استغلال للموارد المائية في كل المجالات الصناعية والزراعية ومجالات الكهرباء والطاقة دون نزاع أو شقاق.
وأوضح أنه نظرًا لتوقف الحياة كلها على الماء وشدة احتياج الناس إليه في معاشهم فقد جعله الله في الأصل من المرافق العامة الجماعية التي يشترك فيها عامة الناس، والأصل في الماء أن يكون مشاعًا بين الناس لا يُحمى ولا يحتكر.
وقال إن الأزمات تحدث وتنشب الحروب والصراعات بين الدول بسبب الجور والطمع والخروج عن المواثيق والمعاهدات الدولية التي وازنت بين الحقوق والواجبات بميزان الحق والعدل.
وفي سياق آخر، قال علام إن قضية التجديد والتطوير في البحوث الفقهية من أهم القضايا التي تشغل بال أهل العلم في العالم الإسلامي في وقتنا الحاضر، مشيرًا إلى أن هذه القضية التي برزت على أغلب منصات المؤتمرات العلمية العالمية، وتردد صداها في أروقة البحث العلمي الأكاديمي، حتى أصبحت قضيةُ التجديد هي واجبَ الوقت وضرورةَ الضرورات، موضحًا أنه بالتجديد يتسنى لنا مسايرة متطلبات العصر والواقع، وأن نحقق مقاصد الشريعة دون إخلال بالثوابت أو إهدار لأي معلوم من الدين بالضرورة.
وأشار إلى أن بعض المشتغلين بعلوم الشريعة الإسلامية المهتمين بقضايا التجديد قد يتصور أن إدراك الواقع قاصر على مجالات المستجدات الفقهية فقط، وحقيقة الأمر أن هناك مجالات أخرى أوسع تتعلق بالمفاهيم والتصورات العامة للوجود والحياة والغاية التي يجب أن يتغياها الإنسان من كل معتقداته وأفعاله، أي ما يتعلق بالنموذج المعرفي الإسلامي الذي يواجه ثورة حداثية شرسة تهدم الثوابت وتقلب الموازين وتعبث بالمفاهيم وتغير التصورات وتتلاعب بالمصطلحات.
وأكد أن هذا النموذج هو العولمة وهو ينطلق من إنكار المطلق ومن الاعتقاد بنسبية القيم والأخلاق وتهميش رسالات الأديان، وهذا النموذج ينبغي مواجهته بالنموذج المعرفي الإسلامي بقيمه الأصيلة وبثوابته الراسخة وبأخلاقه المحمدية، لأن نموذج العولمة يحمل في طياته شيوع الفوضى والدمار والفتن والهلاك.