في مواجهة تغير المناخ.. مزارعو تايلاند يتحولون لطريقة زراعية بيئية وصحية
ميدانيمنهكين من موجات الجفاف والمرض جراء فساد المحاصيل اتجه مزارعي تايلاند المعروفة بقوتها الزراعية نحو أسلوب أكثر تلاؤما مع تطور أزمة المناخ وبنفس الوقت ذي تبعات صحية على المزارعين.
وبينما يجوب مستنقعا في حقل الأرز الخاص به يقول "سومن سونجاك"، لـ"فرانس 24" إن محصوله تدهور كثيرا مأخرا جراء أسلوب استخدام الأسمدة الكثيف، وكذا بدأ المرض يصيب عائلته جراء آثار الكيماويات المتراكمة فى الحقل.
وبالنسبة لـ"سومن" فقد تغير كل شيئ للأفضل حينما انضم لمبادرة باستخدام أسلوب شري الزراعي مع عدة مزارعين، حيث يجلب الأسلوب الدخيل علي الثقافة الزراعية التايلندية عائدات وفيرة بينما يتم خلاله استخدام قدر أقل من الماء ومن الأسمدة.
ويضيف سومن أن الاعتماد سابقا علي الأسمدة بكثافة كان يفسد كل شيء، موضحا أن إنتاج قريته الزراعي تحسن بنحو 40% مع الطريقة الجديدة، بينما قلت نسبة الأمراض بين المزارعين.
وأسلوب شري هو من إبتكار القساوسة الفرنسيين في مدغشقر منذ الثمانينيات، ويقوم على ترك مسافات بين مزروعات الأرز في الحقل ما يمنحها الاستفادة الأكبر من ضوء الشمس وعناصر التربة، بينما سيحتاج قدر أقل من المياه المضخوخة للحقل، وكذلك بتباعد المزروعات ستنتشر الميكروبات العضوية على المزروعات لتقوم بدور الأسمدة الزراعية.
وتعد الطريقة اقتصادية للمزارعين حيث تحتاج كمية بذور أقل وعوضا عن البذور تستخدم الجذور البرتقالية والمعروفة بمقاومتها للحشرات، ما يعني الاستغناء عن المبيدات الزراعية الغالية والمضرة.
ويقول سومن إن الدخل الشهري لمزارع الأرز في تايلاند على الطريقة التقليدية يكون بنحو 100 دولار، ولكن بالطريقة الجديدة إرتفع الدخل بـ20%.
وعن الأهمية البيئية والمناخية لأسلوب شرى يقول الفرنسي، "تريستون ليكوند"، مدير شركة "بير بروجد"، الداعمة لأسلوب شرى، إن المزارعون يتأثرون، ويأثرون بتغير المناخ فمع اتساع رقعة زراعة الأرز عالميا وبطريقة الزراعة التقليدية المعتمدة علي غمر الحقل بالمياه ينتج كميات غاز ميثان كبيرة منبعثة من الحقل، ويعود ذلك بالضرر علي المناخ الذى ينعكس بدوره على الزراعة نفسها بموجات جفاف وفيضانات بشكل متبادل، ولكن مع طريقة شرى يتم استخدام كميات مياه أقل ما يجعل الحقول صديقة للبيئة، وكذلك لا تتأثر بموجات الجفاف لعدم حاجتها للمياه.
وتتضمن الطريقة قيام المزارعين بزراعة أشجار حول الحقول للحفاظ على كمية المياه من التسرب للخارج، ويضيف أنه بالطريقة الجديدة يصبح بإمكان المزارعين زيادة أربلاحهم من 20% فقط لـ100%.
ويذكر أن أسلوب شري ذي الشعبية المنخفضة بدول جنوب شرق آسيا دخل المنطقة عام 2010 بمبادرة لجامعة كورنيل الأمريكية التي أقامت للأسلوب مركزا تدريبيا شمل مليوني مزارع من دول تايلاند وفيتنام ولاوس وكامبوديا.
وبحسب أدها مسرا مشرف علي مشروع يستخدم نفس الأسلوب بشمال فيتنام، فقد ارتفعت أرباح المزارعين المشاركين بنحو 226% مقارنة بالأسلوب التقليدي، وكذلك بدأت الطريقة تشهد رواجا في الفلبين، وكذلك تستخدم الطريقة بوتيرة أقل في أجزاء من الهند والصين وبعض دول إفريقيا.
وتواجه الطريقة الجديدة تحديات شرسة حيث تسيطر لوبيات تجارة الأسمدة على الزراعة في تايلاند، وهى تحارب أسلوب شرى المعارض لصناعة السماد والمبيدات، ولم تدعم السلطات التايلندية الأسلوب بل سمحت بترخيص نوعين جديدين من المبيدات الزراعية.
ويضيف "ليكوند" أن أسلوب شرى يحمل العديد من الصعوبات إذ هو صعب التعلم، ويحتاج أيدي عاملة أكثر وجهد أكثر.
وعن المجهود والأيدي العاملة الكثيرة يقول سومن إن الأمر يحتاج جهد كبير وتأجير عمال أكثر، ولكنه أكثر ربحية وأأمن لصحة المزارع، بدلا من تعرضه للأمراض داخل الحقول المغمورة وكذلك الأمر أفضل بيئيا.