مغامرون بأرواحهم.. حصاد الإسفنج يدفع صيادي تونس للغوص في الأعماق
ميدانيفى مدينة جرجيس التونسية التاريخية على الحدود مع الجزائر انتشرت تجارة بضائع عدة منذ القدم كالتمر والقمح وتحديدا الإسفنج الذى يطفوا كل موسم علي سطح المياه ولكن فساد الحصاد هذا العام دفع الصيادون للغوص أعمق مخاطرين بأرواحهم من أجل لقمة العيش.
وعن خطورة العمل يتحدث كمال رمظانى للجارديان، قائلا: "أبسط خطأ كأن يخرج أحدهم من الأعماق بتكنيك خاطئ يعنى أن ينتهى صاحب الفعلة مقعدا للأبد لأن أقرب مستشفي لعلاج مثل ذلك النوع من الإصابات تبعد 300 ميلا".
ولمدة ساعة إلى 3 ساعات يبقي الصياد منهم يسبح بعمق 50 مترا باحثا عن الإسفنج دون معدات متطورة عدا عن خرطوم رفيع لضخ الهواء معلق بقارب الصيد ليضع الصياد ما يحصده أولا بأول فى سلة تسحب للقارب بعد الانتهاء.
ويقول خاسى مازن إن الإصابات تتنوع بين تضرر الآذان أو الأعين وربما يؤدي تكاثف النيتروجين في جسم الصياد جراء قلة التنفس لإصابته بحالة من الثمالة يقوم على إثرها بخلع قناع الأكسجين أو البقاء فى القاع وبالتالى الموت، وعدا ذلك فالعملية مرهقة وكثير من الصيادين ينهار من التعب.
ويستدعى رمظانى ومازن أيام الصيد الجميلة حينما كان الإسفنج السليم يأتى طفوا نحو الشاطئ فلا يحتاج الصياد سوي نظارة بسيطة وحربة لسحب الإسفنج دون عناء وذلك قبل أن يصاب معظم المحصول الطافي على السطح بآفة زراعية تجعله غير صالح ما يضطر الصيادون للبحث فى الأعماق.
ويشرح مازن أن عملية الصيد تأخذ وقتا طويلا من الشروق حتي مغيب الشمس فى أيام طويلة تقطع فيها القوارب مسافات طويلة حتي الحدود الإيطالية إذ لا يجد الصيادون مبيتا إلا علي ظهر السفينة أو بداخل إحدي حجرات الغوص الحديثة المستخدمة بشكل محدود.
ويقول رمظانى أنه منذ انتشار الآفة الجديدة إنخفض عدد سفن صيد الإسفنج من 50 سفينة لـ12 سفينة فقط وانضمت البقية لأساطيل صيد السمك.
ويذكر أن الافة بدأت عام 2017 حينما تم حصاد 17 طن إسفنج فقط لينخفض العدد العام التالى إلى 6 أطنان وعاد للتعافي هذا العام حيث بلغ 9 أطنان.
ويرجع مازن سبب حدوث الآفة لخليج جابس المعرض لأطنان من المواد الصناعية يوميا أو ربما حسب قوله يعود ذلك للاحتباس الحرارى.
ويقول كريم بن مصطفي من المؤسسة الوطنية لعلوم البحار إنه رغم التقدم التكنولوجي ولكن لم يتأت السيطرة على تلك الآفة التى تفتك بنوع أساسى بالبيئة المحلية إلى جانب دور الإسفنج كمنقى طبيعى للمياه من التلوث.
ويضيف كريم أن تونس شهدت بالثمانينيات أزمة مشابهة دامت عاما ومن ثم عادت أعداد الإسفنج بالتعافى مضيفًا أن الأزمة الحالية تبدو مختلفة دون الوقوف علي أسباب واضحة للآفة الغامضة.
وبحسب رمظانى فإن كائنات الإسفنج بالأعماق تبدو بحالة جيدة ما يرجعه كريم لاستقرار درجات حرارة القاع بعيدا عن تقلب درجات السطح جراء الاحتباس الحرارى ولكن ما يسأله كريم هو كم سيبقي القاع مستقرا أمام تزايد تغير المناخ.
والخبر السار هو أن الإسفنج من أقدم كائنات الكوكب التى نجت من العصر الجليدى وغيره من الكوارث الطبيعية ولذلك السبب لا يزال رمظانى يدرب ابنه الصغير علي صيد الإسفنج آملا أن تلك الحرفة لم يأن وقت إندثارها بعد.