انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا مدعومة أوروبيًا وبأيادي ليبية
ميدانيهربوا بحثًا عن ملاذ آمن وعن حياة كريمة في أوروبا، ولكن انتهى بهم المطاف في مراكز احتجاز انتهكت فيها حقوقهم وتم استغلالهم جنسيًا، وتركهم بلا طعام وبلا شراب لأوقات طويلة، ومنهم من أُغرق عن عمد في عرض البحر بدعم كامل من قبل الدول الأوروبية نفسها التي أرادوا اللجوء إليها، هذه هي حال المهاجرين العابرين من ليبيا، والعالقين فيها.
وبعد أن أطلقت لجنة تقصي الحقائق الأممية تقريرها المتعلق بهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، ظن البعض بأن الانفراجة قريبة وتسوية أوضاع اللاجئين في طريقها للتحقيق، ولكن النفاق السياسي حال دون تحقيق ذلك، والتستر على جرائم مُتهم فيها دول أوروبية بعينها كان سيد الموقف، فبدلا من تحقيقات وإجراءات صارمة لحل الأزمة، اتخذ مجلس الامن موقفًا غريبًا لا صدى له ولا قوة.
فأطلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرًا يتحدث عن القرار الهش والضعيف للأمم المتحدة المتعلق بالمهاجرين، حيث أكد التقرير أن هناك تناقض مهول بين القرار الذي اعتمده "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" هذا الأسبوع بشأن ليبيا والتقرير النهائي لـ "بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة" الذي يُفصّل الانتهاكات والتجاوزات في ليبيا.
من جهة، وثّق خبراء الأمم المتحدة في التقرير "مجموعة واسعة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية" ضد الليبيين والمهاجرين العالقين في ليبيا، وأشاروا إلى أن قوات حرس السواحل الليبي المدعوم من "الاتحاد الأوروبي" كانوا من بين الجناة الرئيسيين الذين ارتكبوا جرائم ضد المهاجرين، وطالب الخبراء الاتحاد الأوروبي بوقف دعمهم.
من جهة أخرى، فإن القرار الضعيف لمجلس حقوق الإنسان، وبدلا من الإصرار على المساءلة عن الانتهاكات، اقتصر على دعم الأمم المتحدة في تقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات للحكومة في طرابلس.
ومثل القرار فشلا مزدوجا للاتحاد الأوروبي بحسب تقرير المنظمة. أولًا، التقاعس عن تطبيق نفس المعايير على حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وعن دعم المساءلة على الجرائم الدولية الموثقة.
ثانيا، عدم الاعتراف النتيجة التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق بأن الشركاء الرئيسيين للاتحاد الأوروبي في ليبيا يرتكبون جرائم ضد الإنسانية. بدلا من ذلك، "اعترض" الاتحاد على النتائج التي تنتقده بالقول إن تعاونه مع ليبيا يهدف إلى تعزيز إدارة الهجرة واحترام حقوق الإنسان، ووافق على قرار أنهى أي عملية إبلاغ لاحقة ذات صلة بتقرير الأمم المتحدة.
وقالت المنظمة الحقوقية أنه ينبغي للاتحاد الأوروبي أيضا تعليق التعاون مع السلطات الليبية وتطبيق العناية الواجبة بحقوق الإنسان بشكل صارم في تمويله لدول أخرى حتى تتوقف عن إرسال الناس إلى أماكن يواجهون فيها انتهاكات وظروف احتجاز غير إنسانية. كل يوم يتجاهل في خلاله الاتحاد الأوروبي الأدلة المتزايدة والموثقة على جرائم الكيانات التي يدعمها في ليبيا، يزداد تورطه في الانتهاكات في البحر الأبيض المتوسط وفي ليبيا.
والجدير بالذكر أن منظمة العفو الدولية كانت قد أشارت سابقًا إلى تواطؤ حكومات أوروبية في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ليبيا من خلال دعمها للسلطات هناك والتي غالبا ما تعمل مع مهربين للبشر وتعذب لاجئين ومهاجرين.