معاناة أمهات الأطفال من ذوي الهمم.. الصوت المكتوم والأحلام المؤجلة

تكريم مبادرة "واحدة جديدة" لي جعلني أعتز بنفسي وقررت التقدم للدراسات العليا

أقليلٌ على القلب أن يرسم بالشموع الدرب ..!

يذوب بين حد الانبهار. وحد الاختيار ..بين دفتي أملٍ وقدر!

لم أكن أعلم حين اسميته “مهند” أن حظه من اسمه ..سيف يقطع كل غُصّة وألم، ذاك الصغير ابن الجنوب حفيد الفراعنة والعقاد

وُلِد اول فرحتي وعائلتي ،وأنا آخر العنقود تلك الفتاة التي يتوقون لوليدها ..هل يشبهني؟ يشبه اباه؟ كيف ستكون اول نظرة واول ابتسامة ؟

رأيته ..ولم يرني!! في تلك اللحظة رددت كل جوارحي، ”الحمدلله.. الحمدلله”..تلاها شعور خفى بهدوء ورضا وفرحة ربانية ،لم أعي معناها الا بعد مرور بضع سنوات ..جلست أهدهده وأغنى “إحنا حبايب ربنا..إحنا محدش قدنا”

وبدأت وزوجي رحلة بحث عن قبس من نور لدى الاطباء واستقر الامر أن “المهند ” بعين لا ترى والأخرى ترى نور وظلام فقط ،فعقدت العزم بعون الله أن أكن عينه التي يرى بها وألوانه التي يميز بها نسيم الهواء فجرا وملمس الندى على اوراق الشجر ..حرارة الرمال صيفًا ..رائحة الشتاء ..قياس المسافات ليتمكن من الاعتماد على نفسه في الحركة بين الأماكن

كانت تلك قصة أسماء حنفي أو أم مهند، والتي حازت قصتها على المركز الأول في مبادرة "واحدة جديدة" 2022 وهي مبادرة تابعه لشركة فيكتوري لينك بالتعاون مع وزارة التضامن تدعم السيدات المكافحات من خلال مشاركتهم بقصص نجاحهن .

وقد كرمت السيدة أسماء في الموسم الثاني للمبادرة تكريما لجهودها مع أبنها مهند عماد والذي أصبح نجما في السماء يضئ لكل طفل من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة وكل أم اجهدتها التحديات لتربية طفلها .

برز الطفل مهند عماد وهو من ذوي الهمم الذين منّ الله عليهم بفقدان نعمة البصر، في احتفالية قادرون باختلاف رغم فقدانه نعمة البصر لكنه أعطى نور بصيرته لمجال التعليم، حيث وضع بصمة خاصة به تسير عليها الأجيال القادمة، وتلك البصمة هي دعوته لتدريس مادة القيم واحترام الآخر، وبالفعل استجاب له الرئيس السيسي وكرمه خلال افتتاح الجامعة المصرية اليابانية للعلوم في محافظة الإسكندرية.

كما شارك في مسلسل “دايما عامر “كنجم ومطرب باللغتين العربية والانجليزية وحاز اعجاب النقاد والجمهور ..

مهند خطف الأنظار وتوجهت الأضواء عليه ليستطيع الآن كتابه باقي قصص نجاحه بنفسه ولكن خلف الكواليس كانت هناك السيدة أسماء 42 عاما حاصلة على ليسانس آداب وتربية انجليزي وهي والدة مهند وهي الضوء الذي كان يضئ عتمه طفلها، ونحن في أشد الحاجة لسماعها، علها الصوت الذي سيرشد أمهات مثلها هن في أول الطريق المعتم مع أطفالهن من ذوي الهّمم.

• كم يبلغ عمر مهند، وماذا يدرس الان؟
  مهند ١٥ سنة وفي الصف الأول الثانوي
• كيف غّير مهند مفاهيمك في الحياة؟

مهند غير نظرتي لكل الأمور علمني أنه مهما كانت الصعوبات ممكن تحقيق الإنجازات وأن رأي الناس ليس ثابت وسيتغير حسب قوتك ومكانتك وإرادتك.

• لماذا طلب مهند تدريس مادة القيم واحترام الاخر؟

كان مطلب جماعي من مهند واصدقائه المشاركين في حفل قادرون باختلاف تم اختيار مهند ليتحدث باسم أصدقائه

• وما هى اهم الدوافع التى جعلته يفكر في هذا الامر؟
  بعد مشاورات وجلسات نقاش بينه وبين أصدقائه، سمع منهم مشاكل ومواقف سيئة مختلفة تعرضوا فيها للتنمر وعدم الاحترام ولذا تم الاتفاق ان يكون المطلب هو تدريس ماده احترام الآخر
  
  - هل تعرض مهند لمضايقات جعلته يفكر فى تدريس ماده تدعو لترسيخ القيم واحترام الاخر ؟
  لم يتعرض مهند لأي مشاكل شخصيه او مضايقات ولكنه تأثر بمشاكل أصدقائه وان كان تعرض هو لبعض نظرات الشفقة ودي كانت حاجه تزعجه جدا ، مهند في مدرسه مكفوفين ولا يوجد اختلاف بينه وبين زمالائه ولم يواجه اي مشاكل بالعكس مدرسته بيئة جيده جدا للنجاح والتميز، ولكن المشاكل كانت مع اصدقائه الذين يدرسون في مدارس مندمجة.
• حدثينا عن كواليس موافقة الرئيس على طلب مهند لتدريس مادة القيم واحترام الاخر؟
  بعد موافقه الرئيس طبعا كانت فرحه وفخر كبير .ثم تم دعوتنا لمكتب السيد وزير التربية والتعليم د.طارق شوقي وتم تكريم مهند واهدائه اول نسخه من كتاب القيم واحترام الآخر عليها اهداء من د.طارق بنفسه ثم تمت دعوتنا للحضور في افتتاح الجامعة اليابانية في برج العرب بحضور فخامه الرئيس كتكريم لمهند
• كيف تستطيعين أن توازني بين مهند واشقائه حتي لا يكون الاهتمام كله منصب عليه؟
  
  بصراحه في بادئ الأمر كان مهند يأخذ كل وقتي ولكن الآن أصبح معتمد علي نفسه ويستطيع الذهاب إلي اماكن تدريبه بمفرده سواء في الأوبرا أو النادي، ويستطيع تحمل مسؤوليه نفسه وأصبح لدي متسع من الوقت للاهتمام بأخواته أكثر بعكس الفترة الماضية كنت انا واخواته نتحمل مسؤوليات مهند سويا .
  وانا أشعر بالذنب لأني كبرتهم قبل الآوان ، ولكن نحمد الله زرعت فيهم حبهم لبعض ومهند كان دائما يشكرهم أمام الجميع ويقول انهم سبب في نجاحه
• ما الدعم الذي قدم لكي من الدولة ؟
  مؤخرا بعد اهتمام فخامه الرئيس بذوي الهمم شعرت ببعض الدعم مثل الدمج وتكافؤ الفرص، وأيضا سعر تذكره المترو بـ ٥٠ قرش وهي أهم جزء يستفاد منه مهند بشكل مباشر.
• من وجهه نظرك ما الدعم الذي تحتاجه الأمهات لكي تستطيع ان تواصل كفاحها مع طفلها ذوي الاحتياجات الخاصة

تحتاج الأمهات لمن يبحث عنهن ويحاول انتشالهن من الضغط والمعاناة ،لأن ليس كل السيدات تستطيع أن تتحدي الصعوبات وتواجه المجتمع وحدها، ولابد أن يكون هناك هيئات ومؤسسات همها الأول البحث عن تلك الأمهات وتقديم الدعم المعنوي والنفسي لهن.

• ما هي النقطة الفاصلة التي غيرت حياتك وحياة مهند؟

النقطة الفاصلة في حياتي عندما كان مهند يبلغ سنتين وأحدي جيراني علمت بأنني ابحث عن حضانات لتعليم مهند، وقالت لي جمله لن انساها ما حييت :" انتي تعبه نفسك ليه هو هيطلع دكتور يعني؟! ابقي دخليه الأزهر يحفظ قرآن ينفعه يقرأ بيه علي الترب"

وقتها قررت إن مهند لازم يتعلم واحسن تعليم وإن شاء الله يكون دكتور في الجامعة، بجانب حفظه للقرآن الكريم ووقتها قررنا أن ننقل حياتنا من مدينة العاشر من رمضان إلي القاهرة .

• ماذا اضافت لك مبادرة واحدة جديدة؟

مبادرة واحده جديده هي مبادرة تابعه لشركة فيكتوري لينك وتحت اشراف وزارة التضامن الاجتماعي وهي اول مكان واول ناس يكرموني ويحسسوني بأنهم مقدرين تعبي اكيد كل تكريم لمهند هو تكريم لي .

لكن في "واحده جديده" جربت شعور مختلف ، سعادة علي نجاح علي اعتزاز بنفسي، فرحت بنفسي وحبيت نفسي جدا وقررت إني أكمل مع اخوات مهند .ومع نفسي أيضا، ومنذ تكريمي من السيدة انجي الصبان الرئيس التنفيذي للشركة ووزارة التضامن، قررت ان اكمل حلمي واقدم في الدارسات العليا

الحمد لله (علي)ابني الاوسط لاعب العاب قوي ويحقق مراكز وان شاء الله يتقدم اكتر ، أما(حمد) ابني الأصغر لاعب جودو ومحقق ميداليتين الى الآن وان شاء الله سأكمل معاهم.

• نصائحك لكل الأمهات لكي يواجهون تحديات في تربية أطفالهم والاهتمام بمواهبهم ؟

أقول لكل أم أنتِ بطله قصه أولادك ،لابد أن تؤمني بمواهبهم وتركزي عليها حتي ولو كل الناس أحبطوكي او قللوا من قيمه مجهودك ومهما سمعتي من كلام محبط لا تسمعي لهم.

وأقول لكل أم لابد أن تؤمني بأن بعد الصبر جبر ويكون عندك يقين بالله انه هيساعدك لأنه الله هو الذي أوكل لكي هذه المهمة (كل ميسر لما خلق له )

• هل تشعرين الآن بأنك أم محظوظة؟
  
  طبعا أنا أم محظوظة جدا وربنا بيحبني قوي لأنه اختصني بهديه فريده جدا وهي "مهند".
• ما هي اكبر طموحات مهند ؟

بصراحه مهند طموحاته كبيره وليس لها سقف ومتنوعه وهذا ما يجعلنا نتحرك في كل الاتجاهات، فهو مثلا يحلم أن يصبح دكتور في الأدب العربي مثل الدكتور طه حسين وأيضا يحلم ان يكون بطل عالمي في السباحة كما أن صوته جميل ويحلم ان يكون مغني عالمي، والان كله بيد الله وأنا معاه في أي اختيار يهتدي له.

• هل مازال الناس تري مهند طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بعد كل النجاحات التي حققها؟
  
  الحمد لله الآن الجميع يري مهند نجم وأسطورة لأنه متميز في كل المجالات التي يدخلها مثل سباحه والأوبرا والإنشاد والتقديم والإذاعة .
• كلمة تقوليها لكل أم تعبت من مشورها مع ابنها من ذوي الهمم؟
  
  بقول لكل ام عندها طفل من ذوي الاحتياجات ، احمدي ربنا علي نعمته واحسني استقبال ورعاية هديه ربنا لكي واعلمي بأن النجاح محقق بفضل الله الذي يعلم بأنك سوف تستطيعين ذلك ودائما خليكي جمهور ابنك الأول وجيشه الوحيد .
• أسماء ..بتحلم بأية؟
  
  بحلم بحاجات كثيرة شايفة مهند ناجح ومشهور وسبب في سعادة وخير لكل اللي يعرفوه، وسند وضهر لإخوته، وشايفاهم هما الثلاثة رجاله كبار محترمين عارفين ربنا محققين نجاحات كبيره وبيبروني انا وباباهم في كبرنا وشايفة نفسي حققت حلمي وأخذت الدكتوراه ووقتها هفتخر كمان بأسماء زي ما انا فخوره بأم مهند.
• من واقع تجربتك ما هي اخلاقيات التعامل مع متحدي الإعاقة ؟

التعامل مع ذوي الإعاقة موضوع كبير جدا ،اهم نقطه فيه الاحترام يعني تحترم المعاق وتفهم اعاقته كويس لأنه بيكونوا حساسين ،مثلا الكفيف بيسمع كويس جدا وبيحس بكل حاجه حواليه ومؤذي جدا انك تهمس بجانبه لأنه هو مش بيشوف لكن بيسمع.

وحتي اصحاب الإعاقات الذهنية بيفهموا وبيحسوا يعني سلم عليه هو واسأله هوعندك كام سنه ولا تسأل والدته، وأرجو أنكم لا تعرضوا المساعدة بدون الطلب منهم .

بمعني أن ممكن تكون الأم قاصده إن أبنها ينزل سلم او يطلع رصيف لوحده وبتعافر مع ابنها لكي يستطيع أن تم هذه، فانت ببساطه ستضيع كل تعبها ومجهودها في لحظه من غير قصد منك طبعا.