ميرال المصري تكتب ..لعنة المرأة !
بقلم- ميرال المصريميدانيربما تكون لعنة كلعنة الفراعنة.. أن تكوني امرأة أخرى.. ليست كالتي تشبه أحلامهم وتوقعاتهم والدور الذي رُسم لك من قبل ولادتك..
لعنة هي أن تكوني امرأة وقوية في مجتمع لا يقبل أن يصاحب هذا الجنس إلا ضعفه..
لعنة أن تكوني جريئة طموحة وذكية.. فنحن لا نقبل في نسائنا إلا الحياء حتى لو كان حيائهن مصطنعاً.. لا نقبل منهن إلا التضحيات ولو كانت لا تصلح لهن..
في مصر.. في الوطن العربي.. في كل العالم .. رجال ونساء يقفون بقوة ضد كل من تريد أن تحيا كإنسانة.. فهم لا يريدونها إلا أنثى.. أنثى لهم.. لرجالهم ولأطفالهم وعجائزهم.. أنثى لشهوتهم ونجاحهم وضعفهم وعجزهم..
فتخيلوا مصير امرأة وجدت في نفسها بعض القوة والجرأة لتطمح أن تنافس وتبدي الرأي وتكون فاعلة.. وربما أن تترأس منصبا ما.. أو أن تتحدث في موضوع شائك أو جرئ.. فكم من جبهة ستحارب وكم من حكم ستدحض؟ وكم من تضحية ستضحي؟ برجل تحبه؟ بالزواج؟ بالإنجاب؟
في مجلة "فوربس" الشهيرة نشر الأستاذ مايكل نوير مقال بعنوان " لا تتزوج من امرأة عاملة".. يشير فيه إلى ما توصلت له الأبحاث العلمية من ارتفاع نسب الطلاق حينما تكون الزوجة عاملة.
يقول: ( أن النساء العاملات الناجحات يصعُب إرضائهن.. وقدرتهن الاقتصادية تسهل عليهن مسألة طلب الطلاق.. وخروجهن للعمل يزيد من احتمالية مقابلتهن لأشخاص أفضل من أزواجهن وبالتالي ترتفع نسب الخيانة الزوجية في حالة الزوجات العاملات..
ويقول أن المنازل ذات الزوجات العاملات أقذر من منازل ربات البيوت.. وأن الزوجات العاملات يرفضن الإنجاب ولو أنجبن يرفضن البقاء في المنزل لتربية الأولاد.. )
كاتب هذا المقال ليس مصريا وليس عربيا وليس شرقيا.. ولكنه أحيا ما فعله نجيب محفوظ في حديث الصباح والمساء.. حين صور كل سعادة وراحة الباشا في ترك الهانم "زوجته" والزواج من خادمته الزنجية.. فاستبدل الشريكة بالخادمة .. هجر التمرد والندية وهرب إلى الطاعة والتبعية.. هجر التعب والنقاش إلى وادي الهدوء حيث يسود هو ولا يعلو صوت إلا صوته..
وما بين الشرق والغرب.. تبقى اللعنة واحدة.. لعنة القوة..
فالقوي "الرجل" يريد الضعيف – المستضعف "الأنثى" أن تظل ضعيفة.. فكل قوة يرتوي منها الضعيف تنتقص من سلطة وراحة القوي.. وليس هناك من قوي يريد التنازل..
لم يستح الكاتب ولم يحلل الباحثون أسباب ما جاء على ألسنتهم.. لماذا ترأست النساء الناجحات قوائم الطلاق في العالم بأسره؟ لأنها تدفع ثمن ذكائها واجتهادها.. فمهما بلغت من مكانة لا ينظر لها الجميع خارج إطار ماكينة الأطفال.. خادمة المنزل والفراش..
فقذارة المنزل تدفع ثمنها المرأة ويخرج الرجل أبيض اليدين.. والطلاق تدفع ثمنه الناجحات لأنهن نجحن.. ليس لأن الرجل رفض التنازل عن بعض من رفاهيته..
ولذلك فحظ الناجحات في الحب (كثير).. وفي الزواج (قليل).. في استمرار الزواج (نادر)..
ولذلك وأنت ناجحة سيحبك معظم الرجال.. وينفر منك جميعهم.. ويكرهونك بشدة في داخلهم.. ويحتفظون بك في لا شعورهم .. ويبحثون عن نقيضتك ويرتبطون بها..
فالرجل قد يشجع كل النساء إلا امرأته.. فلن يحبك رجلا وأنت تكسبين مالاً أكثر منه.. أو تترأسين منصباً أعلى منه.. أو تحققين نجاحا أسرع منه.. لن يريدك رجلا أن تكوني براقة بطموحك.. ثابتة وأنت تدافعين عن حقوقك.. أو جريئة في التعبير عن رأيك.. لأنه يراك امتدادا له.. معتمدة عليه.. وجودك يفنى دونه..
لن يحبك إلا رجل واحد.. واحد فقط! رجل ليس بكسول!
رجل لم يُكسل أن يكبر ويودع مرحلة الطفولة.. رجل يعي أن الدلال وخدمة الخمس نجوم مقابل المال لا تليق بالزوجات وإنما بالخادمات.. رجل لم يُكسل أن ينضج ويعي أن نجاح شريكته عنوان لنجاحه.. رجل يحب دون أنانية.. رجل يعطي بدافع المسئولية وليس الإحسان.. رجل يرى في زوجته الإنسانة والشريكة وليست أداة الراحة والنسل..
لذلك فنسب الطلاق لا تعبر إلا عن أنانية الرجل.. وعن صحوة المرأة ورفضها لنظام اجتماعي ظالم انتقص منها وظلمها وأهانها.. لا يعبر إلا عن قدرتها على التمسك بأحلامها..
ولا يقول إلا أنها المرأة الناجحة البراقة التي يحبها ويبغضها كل رجل.. يُعجب بها ولكنه ينظر إليها كلعنة.. لعنة ستنتقص من قوته وراحته واستقراره ورفاهيته.. ولذلك يحتفظ باللعنة في قلبه ويبحث عن أكثرهم قدرة على التضحية من أجله.