وسط الحروب.. أطفال كابل يبحثون عن سبل العيش بين كومات النفايات
كتبت سارة أحمد محمدميدانيوسط صخب الحرب التي تشهدها بلادهم، يسعى أطفال مدينة كابل الأفغانية، للبحث عن سبل العيش بين كومات القمامة، فبين الزجاجات البلاستيكية والقطع المعدنية الرثة يجد هؤلاء الصغار طريقهم لجمع بضعة نقود لشراء مؤنًا تبقيهم -وأسرهم- على قيد الحياة.
تلك المخلفات -التي قد يستغرق جمعها ساعات من العمل الشاق والمتواصل- يبلغ ثمن الكيلوجرام منها نحو 15 أفغانيا، أي ما يعادل نحو 20 سنتًا "خمس الدولار" قد تكفي فقط شراء بضعة أرغفة من الخبز وبضع مؤن، تساعدهم وذويهم على مواصلة يومهم الشاق.
"جينات هرمت جراء الحروب"
يجتمع هؤلاء الصغار في صباح الشتاء القاسي، عند مكان عملهم المعتاد، لدى مكب النفايات، لينطلقوا منه كفرق صغيرة إلى أماكن تجمع النفايات الأخرى في أرجاء مدينتهم.
لدى هؤلاء الأطفال جينات هرمت بل وتجعدت جراء الحروب؛ فباتو يحملون أعباءً ومسؤوليات تفوق أعمارهم، باحثين عن تأمين لقمة العيش لأسرهم التي أنهكتها الحرب، فبعضهم يفكر في تأمين الغذاء لأسرته وآخر يفكر في شقيقه الأصغر الذي يحتاج دواء للسعال.
لا يكترث هولاء الأطفال إلى الظلام؛ إذ يبدأون عملهم قبل شروق الشمس، ليجوبوا المدينة حاملين أشولة بالية يجمعون فيها مخلفات تخلى عنها أصحابها، لكنها تعني لهم الكثير.
"فرق للبحث عن الرزق"
تمتلئ كابل بالمشردين والعجائز والمتسولين، لكن فئة الزبالين جامعي الخردة هي فئة مختلفة، فهي فرق من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 14 عاما، يجوبون الأزقة والشوارع الخلفية؛ بحثًا عن الرزق، حاملين على كاهلهم الهاجس الدائم بأخطار الحرب والدمار، فبين قطع الخردة التي يقومون بجمعها، قد تشبه إحداهن لغم غير منفجر، فضلًا عن محاولات تجار الخردة خداعهم نظرًا لسنهم الصغيرة.
"أهالينا ليسوا سعداء بإرسالنا لمكبات النفايات"
تتبعت جريدة "واشنطن بوست"، عمل إحدى مجموعات الأطفال التي ترتزق من جمع النفايات، فكان أكبرهم "منصور" البالغ من العمر نحو 15 عامًا، ويحمل بين يديه جهاز موبايل قديم لمتابعة سير أصدقائه، أو للاتصال بذويهم في المواقف الطارئة.
ويرى أنه وأصدقاءه يقومون بعمل مشرف، يجمعون من خلاله بضع نقود لمساعدة ذويهم، أفضل من السرقة أو التسول، مضيفًا: "أهلنا ليسوا سعداء بإرسالنا إلى مكبات النفايات؛ لكن لا توجد وظائف ولا نقود".
فكابل عاصمة أفغانستان، التي يبلغ عدد سكانها نحو 6 ملايين، مكتظة ومليئة بمراكز التسوق، لكنها مليئة بالفقر والأروقة الشعبية أيضًا، وبها عدد محدود من الوظائف للبالغين من دون مهارات، فضلًا عن افتقارها لنظام حماية اجتماعية، إذ لا يتوفر بها سوى دعم ضئيل لضحايا الحرب من النساء والأرامل من قبل المنظمات الدولية.
"سبل للاستمتاع بطفولتهم وسط العناء"
يحكي منصور، كيف انهالت أمه بالبكاء قبل عامين حين عثرت عليه حيًا، عقب انفجار سيارة مفخخة.
أما سميع الله البالغ من العمر 12 عامًا، والذي يعيش مع أسرته المكونة من 13 فردًا فضل أن يحكي كيف يجد هؤلاء الأطفال سبلًا للاستمتاع بطفولتهم وسط العناء مستخدمين دراجة، أو عبر التجمع ولعب كرة القدم.
"أسر فرت من النزاعات المسلحة"
وفدت أسر هؤلاء الأطفال إلى كابل من القرى الأفغانية الفقيرة؛ جراء النزاعات المسلحة، ويعمل معظمهم في أعمال البناء.
بعض هؤلاء الصغار متسربون من التعليم والبعض الآخر مازال يذهب إلى المدرسة، غير أنه يعمل في ثلاثة أشهر العطلة المدرسية.
تتركز المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية كمنظمة الغذاء على مستوطنات النازحين، أو بعض القرى المشردة جراء الحرب أو الجفاف.
فبحسب مدير مكتب منظمة الغذاء العالمية بكابل زلاتان ميليستش: "قدمت المنظمة المساعدة لنحو 70 ألف شخص، لكن هناك العديد ممن يستحقون المساعدة لكنهم لا يتناسبون مع فئات التي تستهدفها برامج المنظمة".
مضيفًا: "ساعد برنامج الغذاء العالمي العام الماضي نحو 5 ملايين أفغاني، وظل نحو 13 مليون آخرين يفتقرون إلى الغذاء".