الصيد العشوائى يهدد الطيور المهاجرة إلى مصر
ميدانيتستقبل مصر كل عام 5 أنواع من الطيور المهاجرة الشائع تواجدها على سواحل مصر الغربية، فى أغسطس وسبتمبر وأكتوبر من كل عام، هى «السمان، القمرى، الشحيم، الوز، أبوصفير»، وتعتبر مصر جسرا يربط بين آسيا وأوروبا.
وبمرور الوقت تحولت عملية صيد الطيور المهاجرة من هواية يمارسها قاطنو البادية إلى تجارة يتم الاستعداد لها بجميع أنواع الصيد، ما يهدد بنقصان أعداد الطيور المهاجرة، الأمر الذى دفع وزارة البيئة، والجمعيات الأهلية المهتمة بالصيد للحفاظ على الطيور النادرة من الانقراض، والتحرك لوقف هذه التجارة.
وقال أسامة الجبالى مدير مشروع صون الطيور الحوامة المهاجرة بوزارة البيئة، إن مصر تعد من أهم المسارات الخاصة بهجرة الطيور العالمية، حيث تعتبر جسرا بريا لربط آسيا وأوروبا، ويعتبر نهر النيل من أهم المناطق الكبيرة للطيور، مشيرًا إلى أن وزارة تعمل على وضع خطة تنفيذية لتقليل حدة المخاطر التى تواجه هجرة الطيور.
وأضاف الجبالى أن صيد الطيور مسموح به ولكن الأمر يحتاج إلى تنظيم، خاصة فى ظل الصيد العشوائى والخلط بين صيد الطيور المسموح بها وغير المسموح بها، بداعى الاقتناء أو التجارة والربح، لافتًا إلى أن وزارة البيئة تصدر قرارًا كل عام بنوعية الطيور المسموح بها وتتمثل فى «اليمام، والسمان، والبط، والحمام»، أما الطيور الممنوع صيدها فهى: «الصقور، والنسور، والطيور المغردة» لأنها مهددة بالانقراض وقانون البيئة يحمى هذه الطيور.
وتابع: نتلقى العديد من البلاغات بشكل مستمر، ونتحرك ونضبط بمساعدة شرطة المسطحات المائية والجهات الأخرى مواطنين يقومون بالصيد الجائر أو آخرين يصطادون الطيور النادرة الممنوع صيدها، ويتم فرض غرامة وقد يصل الأمر للحبس، وفى حالة تكرار المخالفة يتم مضاعفة الغرامة على الصياد ومصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة فى الصيد، ويتم إطلاق سراح الطيور التى يتم ضبطها إلى بيئتها الطبيعية من خلال المتخصصين.
وأكد الجبالى، أنه يتم التنسيق مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة أثناء مراحل تنفيذ محطات مزارع طاقة الرياح بمناطق عبور الطيور؛ لتقليل تأثيرها عليهم، كما تشدد وزارة البيئة إجراءات الرقابة لمنع الصيد الجائر وضبط المخالفين وإطلاق سراح الطيور التى يتم ضبطها.
وأشار إلى أن وزارة البيئة تعمل على الاستفادة القصوى من موسم الهجرة، من خلال مشروع «صون الطيور الحوامة»، والذى يهدف للترويج لسياحة مشاهدة الطيور، والتى ستصبح أحد الروافد الأساسية للسياحة، وهو ما يتم تنميته بالبرامج التدريبية التى يتم تنظيمها للمرشدين السياحيين البيئيين وتجهيز نقاط للمشاهدة، بالإضافة إلى إنشاء موقع للترويج على شبكة الإنترنت.
ويكشف أحد البيطريين الذى رفض ذكر اسمه، أن هناك كارثة لم يلتفت إليها مسئولو البيئة، لكون بعض التجار الذين يقومون بعرض الطيور المهاجرة والتى تم اصطيادها مباشرة وبدون الكشف عنها، وغالبا تكون تلك الطيور مصابة بفيروسات معدية، قد تتسبب فى تدمير الثروة الداجنة، التى تتبنى الدولة فى الوقت الحالى تنميتها.
وأوضح: يتم عرض تلك الطيور التى تحمل الفيروسات المعدية فى عدد كبير من الأسواق الموسمية العشوائية التى يتم نصبها فى مدن المحافظات المختلفة، دون أى رقابة فعلية من الجهات المعنية، وعلى رأسهم جهاز حماية البيئة، والإدارات المعنية بكل محافظة.
كان أهالى الضبعة وغيرهم من سكان البادية يصطادون ما يحتاجونه للطعام فقط قبل ظهور البنادق الحديثة، وأجهزة أصوات الطيور وغيرها من طرق التجارة وليس الهواية فقط، بهذه الكلمات بدأ عبدالمجيد الصنقرى أحد أبناء الضبعة المهتمين بالصيد، حديثه مع «الشروق»، مضيفًا، لكن بسبب الظروف الصعبة التى يعيش فيها البعض أصبح موسم الصيد موسما تجاريا، خاصة أن الطيور المكيسة تحفظ فى الثلاجات لبيعها للخليجيين بأسعار مرتفعة.
واستطرد: تستقبل محافظة مطروح الطيور المهاجرة من أوروبا كل عام فى شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، وهذا ما جعل سوق الطيور المهاجرة تنتشر فى المحافظة وتمثل «أكل عيش» لبعض المواطنين.
وأكد الصنقرى أن فكرة أجهزة أصوات الطيور جاءت من العريش، وهى أجهزة يتم وضعها وسط أشجار التين والزيتون، تحتوى على جميع أصوات الطيور، سواء الصغيرة أو الكبيرة، وعندما تسمع الطيور أصواتها تهبط على المكان وتمكث لفترة وسط الشباك الكبيرة، فيكون صيدها سهلا.
وأشار إلى أن عددا من أبناء العريش جاءوا لمطروح واستقروا بها وشارك بعضهم أصحاب مزارع التين والزيتون بمطروح لأنها المحافظة الأولى على مستوى الجمهورية التى تقصدها الطيور المهاجرة لما تحمله من طبيعة جغرافية تلجأ إليها الطيور، حيث الصحراء التى تنعدم فيها الإنارة بعيدا عن ضجيج المصانع، وأشجار التين والزيتون فى أماكن محددة ما يساعد على سهولة صيدها.
ويوضح عيد عبدالله سعد من أهالى مطروح مراحل تطور عملية الصيد من مرحلة الشباك للبنادق، فيقول بدأ بيع الطيور المهاجرة من قِبل الفقراء الذين لا دخل لهم بعد أن اكتفوا من أكلها، لتصبح مصدر دخل لهم لمدة تصل إلى 3 أشهر تقريبا، بقطع من الشباك الصغيرة التى كانوا يرمونها على بعض الحطب والأشجار الطبيعية التى تنبت فى الوديان والمنحدرات قبل ظهور أشجار التين والزيتون.
وتابع: لم يكن البيع مقصدهم فى بداية الأمر فكان عيبًا أن يتم بيعض الطيور بل كانوا يهادون من لا يستطيعون الصيد، خاصة وأن هذا الطائر لم نتعب فى جلبه ولا نقوم بتربيته، كما أنه لم تكن هناك ثلاجات للتخزين لذلك كانوا يصطادون ما يحتاجونه يوميًا، مستطردا: بدأ البعض بالتوسع فى آلات الصيد من بنادق وشباك وأجهزة أصوات الطيور لكى يتمكنوا من رفع الدخل وتم ترك الطيور الصغيرة للأطفال يقومون هم باصطيادها يوميًا.
ويقول فتحى أبوبكر عضو بنادى صيد الإسكندرية، إن صيادى الطيور يعانون فى مطروح بسبب الإهمال وعدم الاهتمام والعناية بهم، فلا يتم تدريبهم وتوعيتهم بأهمية الطيور وكيفية التعامل مع صيدها، وأهمية الطيور النادرة، وما يمكن صيده، وما هى الطيور التى يمكن صيدها وما لا يمكن صيدها.
وأشار إلى أن محافظة مطروح من المفترض أن بها ناديا للصيد، ولكنه مجرد حبر على ورق فلا يوجد مقر للنادى، ولا أماكن للتدريب على الرماية، ولا يتم تنظيم وتفعيل ضوابط الصيد المهمة والضرورية لحماية الطيور النادرة والممنوع صيدها، ومازال الصيد يتم حتى الآن بالخبرة وبالفطرة البدوية.
وأشار إلى أن مصر تستقبل كل عام 5 أنواع من الطيور المهاجرة هى «السمان، القمرى، الشحيم، الوز، أبوصفير»، ويظهر السمان، فى الفترة من شهر سبتمبر وحتى شهر نوفمبر، أما القمرى فيتواجد من 1 سبتمبر وحتى 15 سبتمبر، والشحيم من منتصف أغسطس وحتى شهر سبتمبر، والوز يأتى من منتصف يوليو حتى شهر يناير، وطائر أبوصفير الذى يتعرض لعمليات صيد جائر وبكميات كبيرة جدا فى المناطق الجنوبية تصل ما بين 20 و 60 ألف طائر فى المنطقة الواحدة.
وأرجع ذلك لسببين الأول عدم وجود أشجار كثيرة فى هذه المناطق وبالتالى يسهل التعامل معه لكونه يسكن بأعداد كبيرة فى مجموعة صغيرة من الأشجار، ويساعد على ذلك أجهزة المناداة الآلية، وهو نفس الأمر الذى يحدث مع طائر السمان، والذى تقلصت أعداده بطريقة ملحوظة هذا العام، حيث غير مسار هجرته إلى سواحل ليبيا بدلا من سواحل مصر الغربية، كرد فعل للصيد الجائر.