رحيل المستشار حاتم بجاتو نائب رئيس المحكمة الدستورية بعد حياة مهنية حافلة
ميدانيفقد القضاء المصري اليوم واحداً من أبرز الكفاءات القانونية اللامعة والمؤثرة في العقدين الأخيرين، المستشار حاتم بجاتو، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، الذي وافته المنية عصر اليوم في ألمانيا عن عمر يناهز 59 عاما، حيث كان قد سافر منذ نحو شهرين لإجراء عملية جراحية كبرى، ثم أصيب بسلسلة من التبعات الحرجة.
وتتقدم أسرة تحرير "الشروق" إلى أسرة الفقيد وزملائه وللمحكمة الدستورية العليا بأخلص التعازي، داعية الله أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم ذويه وأحباءه الصبر والسلوان.
بين القضاء والتشريع والانتخابات
ولد بجاتو في 12 يناير 1961 بمحافظة الإسكندرية، و حصل على ليسانس حقوق سنة 1982 بتقدير جيد جامعة الإسكندرية، كما حصل على دبلوم القانون العام سنة 1989 بتقدير جيد جدا من ذات الجامعة. عُين معاونا للنيابة العامة في 6 نوفمبر 1983 وترقى في مناصب النيابة المختلفة حتى عين قاضيا بالمحاكم الابتدائية في 12 سبتمبر 1991، ثم مستشارا بمحاكم الاستئناف في 24 يونيو 2002، ثم مستشارا بمحكمة النقض في 22 يونيو 2005، كما انتدب مستشاراً لوزير العدل في عهد المستشار ممدوح مرعي.
عين بجاتو في 31 ديسمبر 2005 مستشارا بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، ثم رئيسا لهيئة المفوضين بالمحكمة في 19 مارس 2008 ، ثم نائبا لرئيس المحكمة الدستورية العليا في 3 أكتوبر 2012 لفترة وجيزة لم تتجاوز الثلاثة أشهر، قبل أن يعود إلى درجته السابقة كرئيس بهيئة المفوضين بالمحكمة بعد تحديد الدستور الجديد لعدد أعضاء هيئة المحكمة الدستورية العليا.
وعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، اختار المجلس الأعلى للقوات المسلحة المستشار حاتم بجاتو عضوا وأمينا عام لجنة التعديلات الدستورية التي ترأسها المستشار طارق البشري في فبراير 2011، والتي وضعت خريطة الانتخابات أولا قبل الدستور، وأن يختار أعضاء مجلسى الشعب والشورى المنتخبون أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور الجديد، وهى الخريطة التى دافع عنها بجاتو، وأكد أن البديل لذلك غير ديمقراطى، وهو أن يختار المجلس العسكرى أعضاء الجمعية التأسيسية بصورة تحكمية، وشارك أيضا فى وضع مشاريع القوانين المكملة للدستور.
وبصفته رئيساً لهيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، تولى بجاتو منصباً مهماً هو الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2012، حيث وضع الخطة التنفيذية والإدارية لأول انتخابات رئاسية حقيقية وتعددية في تاريخ مصر، والتي شارك في إدارتها بنجاح لافت مستفيداً من كفاءته الإدارية وخبراته الشخصية التي صقلها بالدراسة والرحلات الخارجية للاطلاع على التجارب الدولية، وساهمت هذه المهمة في شهرته بصورة استثنائية لدى الرأي العام حتى من غير المتخصصين والقانونيين، نظراً لكونه المتحدث الرسمى باسم اللجنة، وكان ينتظر الرأى العام ظهوره فى المؤتمرات الصحفية والفضائيات ليعلن موقف اللجنة مما يثار ضدها من انتقادات، أو شرح أسباب قراراتها، لا سيما المتعلقة بقبول ورفض أوراق المرشحين المحتملين للرئاسة، ثم إعلان النتائج.
وعقب تقاعد المستشار فاروق سلطان، رئيس المحكمة الدستورية آنذاك، انتخبت الجمعية العمومية للمحكمة بجاتو عضوا جديدا بها، باعتباره أقدم رؤساء هيئة المفوضين للمحكمة، إلاّ أن عضويته بهيئة المحكمة لم تستمر بضعة أشهر، حيث أعيد للعمل بهيئة المفوضين بموجب نص دستور 2012 الذي كان يحدد عدد أعضاء المحكمة بأحد عشر قاضياً.
وفي مايو 2013 تم اختيار بجاتو وزيراً للشئون القانونية والنيابية، وخلال تلك الفترة ساهم في منع تمرير مجموعة من المشروعات التي كانت تستهدف القضاة.
وفي الأول من يوليو 2013 أعلن بجاتو استقالته من حكومة هشام قنديل، احتجاجا على إهمال النظام القائم آنذاك للمظاهرات الشعبية الحاشدة التي شهدتها ميادين الجمهورية يوم 30 يونيو.
وفي 25 يوليو 2013 صدر قرار جمهوري بعودة المستشار حاتم بجاتو إلى منصبه كرئيس بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، وبعد إزالة النصوص الخاصة بتحديد عدد أعضاء المحكمة الدستورية من الدستور، أُعيد تعيين بجاتو نائباً لرئيس المحكمة الدستورية في سبتمبر 2015.
كان بجاتو يصف نفسه دائما بأنه «قاض ورجل قانون تقنى بعيدا عن الانتماءات السياسية والحزبية»،
وبعيداً عن القضاء، عُرف بجاتو بين زملائه بأنه قارئ نهم في مجالات التاريخ والسياسة والقانون المقارن، ومحب للفنون والرياضة.