التصدي للهجمات المسلحة على الأوطان، مهمة الجنود البسلاء، الذين يقدمون التضحيات، من أجل حماية شعب ائتمنه على أرواحه وعائلاته، تلك السمات التي ظهرت جلية من قبل جندي أوكراني قدّم ذاته دفاعًا عن الوطن، مواجهًا الهجوم المسلح من روسيا على الأراضي الأوكرانية، الذي بدأ منذ يومين ولا تزال المعركة مُستمرة.

من بين تلك النماذج البطولية التي أشاد بها الجيش الأوكراني، الساعات الماضية، فيتالي سكاكون فولوديميروفيتش، وهو مهندس عسكري أوكراني استطاع إفشال الهجوم الروسي على منطقة خيرسون بشكل مؤقت.. تلك المنطقة الواقعة في جنوب أوكرانيا، التي تعد عاصمة مقاطعة خيرسون أوبلاست، كما أنها ميناء هام على البحر الأسود ومركز لصناعة بناء السفن.

وأحبط المهندس الأوكراني الهجوم الروسي بري على خيرسون، مُتصديًا لكتيبة من الدبابات الروسية أثناء محاولتها عبور جسر في مدينة هينيشيسك، الذي يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لأوكرانيا، وتطوع المهندس لأداء مهمة تلغيم الجسر لمنع تقدم الدبابات الروسية التي تتحرك في اتجاه العاصمة الأوكرانية كييف، لكن لم يكن هناك وقتا إضافيا حتى ينجو بذاته مُبتعدًا عن الجسر موقع التلغيم لينفجر الجسر ويلقى المهندس العسكري حتفه في الانفجار.

وبتضحيته تلك منح الوحدة الأوكرانية القدرة على إعادة الانتشار وتنظيم الدفاع، لذلك وضع الجيش الأوكراني اسم المهندس «فولوديميروفيتش» ضمن قائمة الأبطال التي لن يغفلهم التاريخ، ووصف الجيش الأوكراني ما فعله بـ«الشجاعة»، كما ذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية عبر منشور بصفحتها عبر «فيسبوك» إشادتها بالعمل البطولي للمهندس.

وأشارت هيئة الأركان الأوكرانية خلال ذلك المنشور إلى أنه سيتم تكريم «فولوديميروفيتش» بجائزة تقديرًا لتضحيته.

وحول أسباب تدّخل المهندس واتجاهه بكامل إرادته إلى الجسر، هو أن الجيش الأوكراني لم يكن لديه الوقت لتفجير الجسر عن بعد في ظل تقدم القوات الروسية، لذا قرر المهندس العسكري التطوع على الفور لحل المسألة يدويًا دون أن يشهد على نجاح فكرته إذ أنه ذهب ضحية الانفجار.

وقالت هيئة الأركان بالمنشور: «وفقًا لإخوته في السلاح، اتصل المهندس العسكري وأخبرهم أنه سيفجر الجسر.. قُتل شقيقنا، وأدى عمله البطولي بإبطاء العدو بشكل كبير، مما سمح للوحدة بالانتقال وتنظيم الدفاع». وكان يردد قبل رحيله: «سنقاتل طالما نعيش.. وطالما أننا أحياء سنقاتل».

ووفقًا لصحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية، فإنه تم تدمير الجسر وغرقت سيارة مدنية خلال القصف.

ففي النهاية انتقل الجيش الروسي إلى خيرسون، لكن ما قام به «فولوديميروفيتش» عطل خطوات القوات الروسية العسكرية بعض الوقت، وتلك المنطقة خيرسون هي واحدة من المناطق التي تتقاتل فيها القوات الأوكرانية والروسية منذ انطلق الهجوم المسلّح الروسي على الأراضي الأوكرانية، صباح الخميس الماضي.

من هو «فولوديميروفيتش»؟

ولد في مقاطعة تيرنوبيلسكا غرب أوكرانيا عام 1996، لأبوين مولودين في منطقة ترنوبل بمدينة بيريزاني، وخدم «سكاكون» في قسم الهندسة في كتيبة من لواء منفصل من مشاة البحرية الأوكرانية.

تخرج في جامعة لفيف بوليتكتيك الوطنية والتي تعد من أقدم المؤسسات الفنية للتعليم العالي في أوكرانيا وأوروبا الشرقية، وبعدما أنهى دراسته الجامعية التحق بصفوف الجيش الأوكراني للدفاع عن بلاده.

انطلقت القوات الروسية باتجاه أوكرانيا لشن عملية عسكرية شاملة، صباح الخميس، وفقًا لما أعلنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث تم سماع انفجارات في مدينة خاركيف الأوكرانية في الساعات الأولى من الخميس الماضي.

ذلك الهجوم جاء بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال خطاب أطلقه فجر الخميس، يعلن خلاله عن بدء عملية عسكرية واسعة في إقليم دونباس بأوكرانيا.

كما حذر الرئيس الروسي من أن موسكو سترد فورًا على أي محاولة من الخارج للحيلولة دون العملية العسكرية التي شنتها ضد أهداف في أوكرانيا.

وقال «بوتين» في رسالة توجه بها إلى الشعب الروسي: «أوجه الآن بعض الكلمات المهمة جدا إلى الذين قد تسول لهم نفسهم التدخل في الأحداث الجارية.. أيا كان من سيحاول الحيلولة دون إجراءاتنا ناهيك عن تشكيل خطر على دولتنا وشعبنا، يجب عليه أن يعلم أن رد روسيا سيكون فوريا وسوف يؤدي إلى نتائج لم تواجهوها أبدا في تاريخكم».

فيما صّرح مستشار الرئيس الأوكراني قائلًا: «أوكرانيا تتعرض حاليا لموجة ثانية من الضربات الصاروخية»، وطالب وزير دفاع أوكرانيا بحمل السلاح والانضمام لصفوف الجيش الأوكراني لكل من يقدر.