اعتبر ألكسندر ياكوفينكو سفير روسيا السابق لدى بريطانيا، أن التغيرات التي تشهدها الولايات المتحدة تحت رئاسة دونالد ترامب تجري بوتيرة "مذهلة" وتزعزع فلسفة التدخل الأمريكية التقليدية.

جاء ذلك في مقال بقلم ياكوفينكو الذي يشغل حاليا منصب نائب المدير العام لمجموعة "روسيا سيغودنيا" الإعلامية الدولية، وهو أيضا عضو في هيئة رئاسة المجلس العلمي الاستشاري لدى مجلس الأمن الروسي، نشرته وكالة "نوفوستي" في موقعها الإلكتروني اليوم السبت.

وكتب ياكوفينكو: "ما لا يدعو للشك هو وتيرة التغييرات – فهي مذهلة. لذلك، لن نضطر إلى الانتظار طويلا لمعرفة أي نوع من أمريكا سيتعين علينا التعامل معه في المستقبل القريب. على أي حال، فإن مصطلح 'ثورة' يبدو في محله هنا، إذا قارنا سياسة النخب الليبرالية العولمية التي كانت تزيل الحدود بين السياسة الداخلية والخارجية وتحول العالم بأسره، بما في ذلك أمريكا نفسها، إلى مادة استهلاكية لمشروعها الطوباوي، وبين طموح ترامب لإعادة بناء أسس القوة الاقتصادية والتكنولوجية لأمريكا كوسيلة للعودة بالبلاد إلى حالتها الطبيعية".

وأضاف ياكوفينكو أن الجميع يهتم بمدى ثبات ترامب في الإصلاحات التي أطلقها، خاصة في القضايا التي تمس مصالح روسيا والعالم بأسرة مباشرة، ومن أبرز هذه القضايا مصير النزعة التدخلية التي ظلت سائدة - سواء في شكلها الليبرالي أو المحافظ - بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي إشارة إلى قرار ترامب إعادة تنظيم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ووقف تمول وسائل إعلام عالمية مثل "صوت أمريكا" و"راديو أوروبا الحرة"، قال يكوفينكو إنه "لا يمكن إلا أن نرحب بالضربة التي وجهت لفلسفة التدخل التي كانت تدعى أن أمن الولايات المتحدة لا يمكن ضمانه بشكل موثوق إلا إذا تم تغيير العالم بأسره وفقا للنموذج الأمريكي. وكان هذا المبدأ ينفي أي تعايش سلمي". كما أشاد يكوفينكو بإلغاء الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن "عمالقة التكنولوجيا تحولوا بسرعة إلى قبول هذا الموقف".

واعتبر ياكوفينكو أنه من المهم الآن ما هي البرامج الإيجابية لترامب؟ وما هي الخطوة التالية - هل ستتخلى أمريكا ترامب عن الدعاية العالمية بشكل كامل أم ستقوم فقط بإعادة توجيهها؟ وما هي الرسالة التي ستوجهها للعالم؟".

وحسب ياكوفينكو، فإن اختبارا حقيقيا لنوايا واشنطن قد يكون رفض الحظر عن وصول وسائل الإعلام الروسية مثل RT و"سبوتنيك" إلى الولايات المتحدة، والتي حجبتها إدارة الديمقراطيين السابقة، والتي "ستساعد عودتها في استعادة الثقة بين شعبينا، إذ ستبقى بدونها أي محاولة لتطبيع العلاقات مجرد كلام فارغ".

وشدد ياكوفينكو على أن استعادة توازن الأراء في المجال الإعلامي أمر بالغ الأهمية في قضية مثل التسوية الأوكرانية، وأوضح أنه "قد تمكن الديمقراطيون (والنخب الأوروبية) من خلال إغلاق فضائهم الإعلامي، من فرض رواية كاذبة للنزاع الأوكراني. حيث تم تقديم كل شيء من خلال منظور مبادئ السيادة الوطنية ووحدة الأراضي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، في حين أن هذه القيم في الدول الغربية نفسها وفي القانون الدولي أصبحت مشروطة منذ فترة طويلة – بما في ذلك حق تقرير المصير لذلك الجزء من السكان الذي يتعرض للاضطهاد ولا يشعر بأن السلطة المركزية تمثله".